الفسحة الأدبية - حقيقة الأدب ( 01 )
تقديم:
الفسحة الأدبية، هي قراءة فاحصة، متأنية وناقدة كذلك في الأدب العربي بكل أنواعه وتلويناته ، في الحلقة الأولى من هذه الفسحة سنتناول موضوع " حقيقة الأدب "
1- الأدب كتابة جميلة:
للأب في الأصل معنى الظُّرْف والكيَّاسَة، وقد امتد هذا المعنى في عهد الحضارة العربية فتناول تلاوين القول، حين
كانت اللباقة اللسانية عنوانُ الظُّرْف وكانت العلوم حِلْيَةَ الإنسان وزينة العقل
واللسان، وامتد معنى الأدب فتناول فنَّ التعبير الجميل وتحوَّل الأدب شيئا فشيئا
ليصبح جملة الآثار المكتوبة بأسلوب جميل، وكان من تمَّ فنُّ الأدب هو فن استخدام
وسائل محدودة من الألفاظ والتعبيرات من شأنها أن ترمز إلى تجارب غير محدودة أي إلى
معاني الوجود بمختلف تفرعاتها
ولما كانت الألفاظ والتركيبات التعبيرية محدودة المدى. والتجارب غير محدودة، كان لابد للأديب أن يُفجِّر في فنه كل ما تنطوي عليه الألفاظ من قوة التعبير، وأن يعلِّق جمال الوجود بجمال التعبير ويُقِيمَ بناء الألفاظ إيحائيا إلى أبعد مدى ممكن
2- علوم الأدب:
لما كان الأدب كتابة وجمالا، أو بالأحرى تعبيرا وجمالا، كان لا بد من النظر
في معنى التعبير والجمال من خلال العلوم التي تعالجهما والقوانين المختلفة التي
يخضعان لها.
فأما التعبير فهو معنى في اللفظ، أو بعبارة أخرى لفظ يَرْمُزُ إلى معنى ولا
ينفصل عنه بوجه من الوجوه، والغاية من وجود اللفظ أن يؤدي المعنى المفهوم، ولكي
يؤدي هذا المعنى لابد له من الجري على سنن اللغة والنحو والبلاغة والفصاحة .
وأما الجمال فتفجير للقوى التعبيرية في الألفاظ، بحيث تصبح إيحائية فيها تَدَفُّقٌ من العاطفة وتَلَوُّنٌ من الخيال.
قال الجرجاني (وهو عالم من علماء العهد العباسي، عاش في القرن الحادي عشر
الميلادي، وضع كتاب أسرار البلاغة، وكتاب دلائل الإعجاز في المعاني) : " لعلم
الأدب أصول وفروع، أما الأصول فالبحث فيها إما عن المفردات من حيث جواهرها وموادها
وهيئاتها، فعلم اللغة. أو من حيث صورها وهيئاتها فقط، فعلم الصرف. أو من حيث
انتساب بعضها ببعض بالأصالة والفرعية، فعلم الاشتقاق. وأما عن المركبات على
الإطلاق، فإما باعتبار هيئاتها التركيبية وتأديتها لمعانيها الأصلية، فعلم النحو.
وإما باعتبار إفادتها لمعاني مغايرة لأصل المعنى، فعلم المعاني. وإما باعتبار
كيفية تلك الإفادة في مراتب الوضوح، فعلم البيان. وعلم البديع ذَيْلٌ لِعِلْمَيْ
المعاني والبيان داخِلَ بَحْتِهما. وأما عن المركبات الموزونة، فإما من حيث وزنها، فعلم
العروض. أو من حيث أواخرها، فعلم القوافي. أما الفروع فالبحث فيها إما أن يتعلق في
نقوش الكتابة، ففن الخط. أو يَخْتَصَّ بالمنظوم، فالعلم المسمى بقرض الشعر. أو
بالنثر، فعلم الإنشاء. أو لا يختص بشيء، فعلم المحاضرات ومنه التواريخ."
ملحوظة: تابع معنا الحلقة الثانية من الفسحة الأدبية في موضوع:" اللغة العربية "
إرسال تعليق